بات اللاجئون العرب هم المضطهدون الجدد في العالم، العنصرية تتصاعد في مواجهتهم هم الذين هجروا من بيوتهم وارضهم التاريخية نتيجة حروب قائمة على مصالح دول تأبى الا ان تحقق مصالحها في مستعمراتها القديمة..
الرواية شأبيب والتي تعني اول حبات المطر للكاتب المصري احمد خالد توفيق، ترصد حوادث التمييز العنصري ضد العرب المهاجرين وما يتعرض له هؤلاء من اضطهاد وممارسات الكراهية والعنف ضدهم.
شاهد التقرير على قناة اليوتيوب .. اضغط هنا
يبدأ بالنروج ومحاولة حرق وتهجير حي من الاحياء التي يسكنها العرب، لينتقل الى ليبيريا حيث يتعرض لاجئ عربي فيها لحادث مأساوي يغير كل حياته، الى مصر الى استراليا.. الكل يعاني والعرب اصبحوا في دائرة المنبوذين غير المرغوب بهم في اكثر بلدان العالم.
يستلهم الكاتب احداث الرواية من تجربة الولايات المتحدة الاميركية وبشكل مبطن ايضا هناك اشارات قوية لاسرائيل، فيما اطلق عليه اسم "الاستعمار الاحلالي".
والفكرة باختصار بانه طالما العرب غير مرغوب بهم في المجتمعات الجديدة، نتحالف مع القوة العظمى في العالم الولايات المتحدة لنخلص العالم من شرور العرب ونوجههم الى ارض جديدة يبنون دولتهم فيها.
ينجح بطل القصة باقناع المسؤولين الاميركيين بهذا السيناريو، ويتم اختلاق حضارة بائدة في جزيرة نائية في بابوا غينيا في اقصى المحيط الهندي، وتعمل الالة الاعلامية والدبلوماسية الاميركية لاقناع العرب والعالم بان هذه ارض العرب التاريخية.
الشخصيات التي برزت مضطهدة خائفة في اماكن متعددة من العالم تهاجر والاف غيرها الى الارض الجديدة ويحاول بطل القصة ان يبني دولة من الصفر.
وبناء دولة على اساس "استعمار احلالي" يستلزم الوحشية والقسوة وارتكاب الجرائم والابادة، لا مكان غير للقادم الجديد والا كل شيء يكون مهددا بالخطر، وتسير الاحداث في هذا السياق في محاولة العرب اقامة دولتهم الجديدة القوية في اقاصي العالم.
والحقيقة بان الرواية تجعلك تفكر مرة اخرى في المصير الذي وصلنا اليه نحن سكان هذه الارض، الارض التي تكنى احيانا بانها منبت الحضارة الاسلامية او انها مهد الحضارات في العالم، والحقيقة ان هذا صحيح..
بلاد الشام وشمال افريقيا عموما كانت ارض حضرية اهلها اصحاب حضارة منذ الازل، فيه لا شك من البدو الرحل والقبائل ولكن عموما اذا نظرنا الى دمشق، حلب، بغداد، القاهرة وقبلها الكثير من الشواهد والمدن التي تدل على تجارب بشرية حضرية تماثل وتضاهي الحضارات الاخرى.. وكيف اليوم نحن بعد هذا التاريخ الطويل من الحضارة التحضر والتمدن نتحول الى قبائل مهاجرة بدائية تبحث لها عن وطن..
هذه الصورة تضعك امام حدث كبير يمتد الى اكثر من مئة عام مضت..
مرت هذه الارض بفترات ازدهار وانحطاط مثل كل المناطق في العالم ولكن لم يضطر اهلها ليحملوا متاعهم ويرحلوا في موجات هجرة بدائية، ويتحول سكان المدن العريقة الضاربة جذورها بالتاريخ الى مجاميع ضائعة هائمة على وجهها تمضي في كل الاتجاهات تبحث عن ملجأ.. عن لقمة خبز وسقف يحميها وبداية جديدة لاطفالها والاجيال القادمة..
انها صورة تجسد مأساة نعيش احداثها ولكننا لا ندرك كم هي مأساوية هذه الصورة وكم تحمل من القهر والظلم لاهلها.
اليوم نرى سفراء وزوار ووسطاء من دول كان تاريخها كله ترحال وتنقل، دول لم تعرف الحضارة والمدنية يوما، تتحكم في مصائرنا وتملي علينا ما يجب ان نفعل وما يجب الا نفعل وتوجهنا في رحلتنا بحسب ارادتها ومن تتحالف معه على اتمام نزعنا من ارضنا ونثرنا هباءا في كل انحاء الدنيا..
لا اقصد الاهانة، واعتبر بان ما وصلت اليه بعض الدول التي لم تمتلك حضارة تؤسس عليها انجاز طيب بل انه اقرب للمستحيل، وتستحق التهئنة عليه.. ولكن لا تهون علي نفسي وانا ابن الحضارة واجدادي الذين عاشوا المدنية منذ الاف السنين.. اضطر اليوم لاتحول الى مشرد رحال ابحث لي عن وطن..
لن افسد الرواية بان اخبركم تفاصيل النهاية وانما استعرض عبارة اعتقد بها واحث الناس للتفكير بها مليا.. اعتقد بان هذه العبارة التي يجب الا ننساها ونعمل مافي وسعنا لكي نعمل ما توصينا به..
عبارة تقول ,,
"عندما يطردني احد من بيتي فليس علي ان ابني بيتا جديدا.. بل علي ان استعيد هذا البيت.."
نضال معلوف